وقد فصل سبحانه وتعالى القول فيما تكون من ماء السماء ، فقال تعالى:{ ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ( 11 )} .
الضمير في ( به )يعود إلى الماء ، أي ينبت الله تعالى لكم بهذا الماء الزر وهو الحب المتراكب والكلأ ، ونحوه من أنواع الزيتون ، والنخيل والأعناب ، ومن كل الثمرات .
والزيتون اسم جنس جمعى لزيتونة ، والنخيل معروف ، والأعناب جمع عنب ،{ ومن كل الثمرات} ( من ) فيها تظن أنها بيانية ، أي كل الثمرات ، ك ( من ) في قوله تعالى:{ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ( 104 )} [ آل عمران] ويقول الزمخشري إن من تبعيضية ، هنا لأن ثمرات الدنيا مهما كبرت وكثرت هي بعض الثمرات ، وفي الجنة كلها .
وإن الإثبات في ذاته نعمة ؛ لأن الله تعالى فالق الحب والنوى ، تنشق من الحبة أو النواة بأمر الله فتخرج بالري عودا ، تجري إلى أعلى فيكون منه سيقان الزرع والشجر ، وينشق إلى أسفل فتكون منه العروق والجذور التي تجري في باطن الأرض على امتداد قصير أو طويل على حسب نوع النبات والشجر ، والضوء والحرارة يعاونان في تكوين الغصون والأوراق ، وإن الزيتون إما أن يراد به الثمرة ، أو يراد به الشجرة ، وفي كل آيات ، ويدرس العلماء إدام الزيتونة فيحسب بعض الباحثين أن فيها دواء للسرطان ، ولا تزال آيات الله تعالى قائمة في كل خلق ، سبحانه وتعالى عما يصفون ، وهو الخلاق العليم .
ولقد ختم الله تعالى الآية بقوله:{ إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون} ، أي إن في ذلك الخلق العظيم الدقيق الحكيم لآيات دالات بينات على عظيم الخلق ، وإحكام الأسباب التي سيرها بأمره ، وهو العليم الخبير ، سبحانه وتعالى ،{ لقوم يتفكرون} ، أي لأناس متجمعين يتفكرون تفكر المتدبرين في أحكام صنيعه ، وكريم نعمه ، وعظم المن في خلقه ، سبحانه وتعالى .