قوله: (الله يستهزىء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون (لفظ الجلالة مرفوع بالابتداء ،يستهزىء جملة فعلية في محل رفع خبر ،{[23]} هؤلاء المنافقون الفسقة الذين يتصورون واهمين أنهم يخادعون المؤمنين بتظاهرهم المصطنع وأنهم لا يبتغون بهذا التظاهر غير الاستهزاء بهم والسخرية منهم ،فإنهم مغرورون جهلة لا يعلمون أنهم هم موضع استسخار وهزء ،وأنهم هم الذين تصفعهم من الله وصمة الاستسخار الغاضب سواء كان ذلك في هذه الدنيا أو في الآخرة حيث المهانة والتهكم من الملائكة والخلائق فضلا عن العذاب اللاهب الذي تستعر فيه جلود هؤلاء المجرمين وأبدانهم .
وكذلك فإن الله يستدرج هؤلاء المنافقين الواهمين استدراجا ،إنه سبحانه يمهلهم ويمد لهم من العطاء واللعاع وهم سادرون في طغيان تجاوزوا به كل الحدود .
وقوله: (يعمهون ( من العمه ،والعموه وهو الضلال والتردد والحيرة ،فإن المنافقين ماضون في الأرض طاغين فسقة يظنون أنهم على شيء من الوضوح والتبصر مع أنهم يخبطون في الأرض ضلالا وحيرة وقد أعماهم الإمداد والاستدراج حتى إذا جاء أمر الله سقطوا مع الهالكين في الأذلين ،وباءوا من الله بالخسران العظيم .