قوله: (يكاد البرق يخطف أبصارهم (يكاد من أفعال التقريب وتعمل عمل كان ،والبرق هو الضوء اللامع الخاطف الذي يسبق الرعد ،وذلك من خلال ملاصقات جرمية تتماس في الفضاء بتقدير من الله .
وقد جاء في تأويل هذه الآية عدة أقوال لكننا نميل إلى أن المقصود بالبرق هنا نور الإسلام ،أما الخطف فهو البهر ،فالمعنى: إن إشراقة الإسلام المضيئة الوضيئة تبهر قلوب المنافقين وأذهانهم حتى إنهم ليؤمنون بصلوحه وروعته وصدقه وذلك ساعة استلهامهم لحقيقة هذا الدين وهو يمس فيهم الحس وينفذ فيهم الى صميم الفطرة ،لكنهم بعد ذلك ينكصون مرتكسين كلما تراءت لهم ظلمات من الشك والتردد فينقلبون على وجوههم مضطرين حيارى .
هكذا يكون المنافقون فهم تارة يمسكون بحبل من الهداية والإيمان في فترة من زمان ثم لا يلبثون أن يبوءوا بالشك والتكذيب ،إذ تتلطخ قلوبهم وأذهانهم بوصمة من التردد والارتياب .
قوله: (ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير (لو ،أداة امتناع لامتناع وهي تفيد التمني ،وفي هذا الجزء من الآية تخويف يتهدد المنافقين في كل لحظة ،يتهددهم بالإبادة أو المسخ جزاء ما اقترفوه من نفاق ،وخواء للضمير ،أما التهديد بالإبادة فإنه يكشف عنه إذهاب السمع والبصر وهما أعظم وأشرف ما في الإنسان من جوانب وأجزاء .
أمام التهديد بالمسخ: فلنا أن نتصور ذلك من خلال افتقاد الإنسان لهذين الجزأين الأساسيين فيه وهما السمع والبصر ،والإنسان وهو يسام الصمم والعمى فإنه ينقلب إلى كائن خاسر مشلول لا يأتي بخير إلا الجمود والضعف والموات .
والله سبحانه وتعالى لا يعجزه أن يذيق الإنسان أشد البلاء والنكال سواء كان ذلك في الدنيا أم في الآخرة ،فإنه سبحانه من صفاته القدرة التي لا يند عن محيطها شيء: (إن الله على كل شيء قدير .
قوله تعالى: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون (.