وقوله: (فجعلناها نكالا) جعلناها جملة فعلية من فعل وفاعل ومفعول به أول نكالا مفعول به ثان ،والضمير في جعلناها يعود على القرية التي مسخ أهلها قردة ،وذهب أكثر المفسرين إلى أن القرية هي آيلة والمعروفة الآن باسم إيلات ،وقيل إن الضمير يعود على العقوبة التي أنزلها بهؤلاء المخالفين العصاة ،ونرجح القول الأول وهو المقصود القرية التي ضرب الله أهلها بالمسخ ،أما النكال فهو العقوبة والزجر وهو اسم وفعله نكل أي منع ،ومنه الإنكال بمعنى القيود التي ينكل بها أي يمنع بها من الفعل .
وقوله: (لما بين يديها وما خلفها) أي لما حولها من القرى ،وذلك هو المعنى الراجح الذي نختاره .فقد قيل: جعل الله القرية المعذبة بالمسخ عبرة لما قبلها وما بعدها من حيث الزمان ،وقيل: من حيث المكان ،لكن المعنى الأول المختار هو المعتمد والذي عليه كثير من العلماء .
وقوله: (وموعظة للمتقين) مسخ الله أهل هذه القرية الظالمة ،ليكون ذلك عظة للذين يتقون الله فيحسبون لعذابه كل حساب ،وليعلموا أن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون ،وأنه يوشك أن يسقط عليهم رجزا من السماء يدمرهم تدميرا ،أو يصيبهم بعذاب من عنده فيأخذهم أخذ عزيز مقتدر .