وقوله:{ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} .
المقصود بالكتاب هو القرآن ،فلما جاءهم وفيه التصديق لما معهم من كتاب وهو التوراة وقد كانوا أيضا يستفتحون على الذين كفروا ،أي يستنصرون عليهم بمجيء النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) .وفي ذلك يقول عبد الله ابن عباس- رضي الله عنهما-: كانت يهود خبير تقاتل غطفان ،فلما التقوا هزمت يهود ،فعادت يهود بهذا الدعاء وقالوا: إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه آخر الزمان إلا تنصرنا عليهم .فكانوا إذا التقوا بهذا الدعاء هزموا غطفان ،فلما بعث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كفروا فأنزل الله تعالى هذه الآية .وذلك هو شأن يهود في نقضهم للعهود وكذبهم على الله وعلى أنفسهم .فقد كانوا يعلمون في قرارة أنفسهم أن محمدا عليه الصلاة والسلام نبي قد أوحي إليه ،وأن القرآن كلام الله المعجز المنزل على هذا النبي الأمي ،ومع ذلك كله فإن ديدنهم النقض والزيغ والتكذيب لا لسبب إلا محض الزيغ والهوى والمريض .
من أجل ذلك فقد استوجب هؤلاء الجاحدون الطرد والإبعاد من كل خير ،وذلك من خلال اللعن يَصِمُ هذا الصنف من البشر الخائر الفاجر المتردد .