يستفتحون: يستنصرون .
كل هذا القصص الذي يقصه الله عن بني إسرائيل للمسلمين إنما يُقصد به تحذيرهم من الوقوع في مثله ،حتى لا تُسلب منهم الخلافة في الأرض .والأمانة التي ناطها الله بهم .
{وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ الله ...} هذه الآية مرتبطة بالآية السابقة ..{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ} .ولما جاء رسولنا محمد بالقرآن ،وهو كتاب من عند الله مصدّق لما أُنزل عليهم من التوراة ،وعرفوا من التوراة نفسها صدق ما فيه كفروا به عناداً وحسداً .وذلك لأن من جاء به رسول من غير بني إسرائيل .
روى كثير من الصحابة أن الأوس والخزرج تغلبوا على اليهود ،وأذلّوهم زمن الجاهلية فكانوا يقولون للعرب: إن نبيّاً الآن مبعثُه قد أظلّ زمانه ،يقتلكم قتل عادٍ وإرمَ .وكان اليهود يستفتحون به على الكفار ،يعني يستنصرون به ،ويقولون: اللهمّ ابعث هذا النبي الذي نجده في التوراة .فلما بعث الله محمداً كفروا به .وقد قال لهم مُعاذ بن جبَل وبشرْ بن البراء: يا معشر يهود ،اتقوا الله وأسلموا ،فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شِرك ،وتخبروننا أنه مبعوث ،وتصِفونه بصفاته .فقال له سلام بن مشكم بن النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه ،وما هو بالّذي كنا نذكره لكم .فأنزل الله تعالى في ذلك: «ولما جاءهم ،الآية ...» .
ومعنى «مصدق لما معهم »: موافق له في التوحيد وأصول الدين والإيمان بالبعث واليوم الآخر .