قوله تعالى: ( قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد ) ذلك تخويف من الله للمسلمين بما يزجرهم عن موالاة الكافرين الظالمين ،وعن إضمار المودة لهم على حساب إخوانهم المسلمين ،إلا أن يكون ذلك على سبيل التقية يوم يحيق بالمسلمين الضعف فيخشون على أنفسهم من الاصطلام أو التعذيب بما لا يطاق .
على أن الأشد من ذلك تأثيما وضلالا وعدوانا على الله ما يقارفه المنافقون الخائنون أو المرتكسون الأشرار من بين صفوف المسلمين وهم يوادون أعداء الله ليطلعوهم على عورات المسلمين وأحوالهم ودخائلهم من غير حاجة إلى ذلك ولا تقية ،وهم يظنون أنهم في معزل عن أنظار الناس فلا يدري بهم أحد .وما علم هؤلاء المنافقون الخونة أن الله يعلم سرهم وجهرهم وأنه مطلع على أسرارهم وأغوارهم وما يستكن في صدورهم من خلجات وأستار ،بل إن الله جل شأنه يستوي أمام علمه السر والعلن .فما تخفيه الصدور أو تظهره وتجهر به فهو عنده سيان ،بل إن الله جلت قدرته عليم بكل شيء ،بكل ما في هذه الكلمة من أبعاد العلم ،إن علم الله محيط بالكون كله .وهو جل وعلا ( على كل شيء قدير ) وذلك غاية في التركيز على دوام الخوف من الله ،الله الذي ينتقم من الأشرار المجرمين الذين يخادعون المؤمنين ويطعنونهم من الخلف طعنا .