/م28
{قُلْ} يا محمد ،لكل هؤلاء الذين لا يعيشون وعي الإيمان بالله بالدرجة التي يتحسسون فيها الشعور بالرقابة الدائمة الخفية عليهم في كل أوضاعهم السرّية والعلنية ،فيتصورون الله في حالة الغفلة وموقع اللاشعور ،كما يتصورون أيَّ إنسانٍ مثلهم يعلنون له ما يريدون إعلانه ،ويخفون عنه ما يريدون إخفاءه ،اعتماداً على ما يملكون من عناصر الشخصية في إخفاء السرّ عن الآخرين ،فيتصرفون في السرّ بحريةٍ في معصيتهم لله وانحرافهم عن خطه ،في إحساس منهم بالأمن بأن أحداً لا يراهم ،باعتبار أن عوامل الإخفاء عن الأنظار والأسماع تحيط بهم ،قل لهؤلاء{إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ} من أسرار الفكر والشرّ والجريمة ،فلا تتحدثون به لأحد{أَوْ تُبْدُوهُ} للناس{يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ} الذي{يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [ غافر: 19] ،ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ،{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [ الأنعام: 59] ،{وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَواتِ وَمَا فِي الأرْضِ} ألا يعلم من خلق وهو اللطيف القدير{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيء قَدِيرٌ} فعلى الناس أن يتحسسوا معنى قدرته في مسؤولياتهم أمامه ،لأنهم لا يملكونفي كل مواقع قدرتهلأنفسهم نفعاً ولا ضراً ،إلا من خلاله ،ليأخذوا بأسباب رضاه ،ويبتعدوا عن مواقع غضبه .