قوله تعالى: ( وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا ) أفضى بعضكم إلى بعض من الإفضاء وهو الجماع .وقيل هو أن يخلو الرجل بالمرأة وإن لم يجامعها .والراجح أن الإفضاء يشمل المعنيين المذكورين .وهذه الآية تثير استنكارا لفعل لا يليق أن يأتيه أزواج قد أفضوا إلى زوجاتهم إفضاء تاما من الجماع والخلوة وغيرهما .وهم لا يكونون على تلك الحال من الإفضاء إلا بعد إزهاق لأية صورة من الحواجز أو الحوائل .وهم في تزاوجهم كأنما هم أرواح متلاصقة متحانية بغير فصام أو أنهم أجساد تتلاحم في تلاق ودود لا يعرف الخصام فكيف يليق بالأزواج – والحالة هذه – أن يعاودوا المطالبة بما قدموه لزوجاتهم من صداق .إنه لا وجه لهذه المطالبة من الناحية الشرعية .فضلا عن منافاتها لقواعد الخلق والوفاء وكريم الطبع خصوصا وأن الزوجات أخذن من أزواجهن ميثاقا غليظا قد عوّلن عليه واطمأنن إليه وهو عقد النكاح الذي يمكن للمرأة من المال في ذمة الزوج .ويبيح للرجل من عفاف الزوجة ما كان محظورا .فقد بات ذلك كله نافذا أو سائغا بالميثاق الغليظ وهو العقد المتين .