ولهذا قال [ الله] منكرا:( وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض ) أي:وكيف تأخذون الصداق من المرأة وقد أفضيت إليها وأفضت إليك .
قال ابن عباس ، ومجاهد ، والسدي ، وغير واحد:يعني بذلك الجماع .
وقد ثبت في الصحيحين:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمتلاعنين بعد فراغهما من تلاعنهما:"الله يعلم أن أحدكما كاذب . فهل منكما تائب "ثلاثا . فقال الرجل:يا رسول الله ، مالي - يعني:ما أصدقها - قال:"لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت عليها فهو أبعد لك منها .
وفي سنن أبي داود وغيره عن بصرة بن أكتم أنه تزوج امرأة بكرا في خدرها ، فإذا هي حامل من الزنا ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له . فقضى لها بالصداق وفرق بينهما ، وأمر بجلدها ، وقال:"الولد عبد لك ".
فالصداق في مقابلة البضع ، ولهذا قال تعالى:( وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض )
وقوله:( وأخذن منكم ميثاقا غليظا ) روي عن ابن عباس ومجاهد ، وسعيد بن جبير:أن المراد بذلك العقد .
وقال سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عباس في قوله:( وأخذن منكم ميثاقا [ غليظا] ) قال:قوله:إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .
قال ابن أبي حاتم:وروي عن عكرمة ، ومجاهد ، وأبي العالية ، والحسن ، وقتادة ، ويحيى بن أبي كثير ، والضحاك والسدي - نحو ذلك .
وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس في الآية هو قوله:أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، فإن "كلمة الله "هي التشهد في الخطبة . قال:وكان فيما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به قال له:جعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي . رواه ابن أبي حاتم .
وفي صحيح مسلم ، عن جابر في خطبة حجة الوداع:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيها:"واستوصوا بالنساء خيرا ، فإنكم أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ".