{الذين اتخذوا دينهم لهو ولعبا} ذلك جواب أهل الجنة لأهل النار في سبب منعهم من شراب الجنة وطعامها .وهو كفرهم بالله وبدينه الذي شرعه لهم وأوجبه عليهم فاتخذوه لهوا ولعبا .والأصل في اللهو أنه الترويح عن النفس بما لا تقتضيه الحكمة{[1417]} وهؤلاء الكافرين كانوا لاهين عن دنيهم الذي أنزله الله إليهم ،وقد شغلت قلوبهم وعقولهم بزخارف الدنيا فما قابلوا هذا الدين إلا بالإعراض والسخرية والاستهزاء والتهكم العابث المفضوح .
قوله:{وغرتهم الحياة الدنيا} أي خدعتهم الدنيا بمتاعها وزخارفها وما حوته من عرض سريع زائل فاغتروا بها اغترارا ثناهم عن الاهتمام بالآخرة وما فيها من حساب وجزاء .وذلك هو شأن الدنيا ،تغر أكثر الناس فينشغلون بها انشغالا يطغي على قلوبهم وعقولهم ويلهيهم عن أوجب واجباتهم وهو الإيمان بالله ورسله والدار الآخرة والتزام دينه الذي ارتضاه وشرعه لهم .وأيما انشغال عن ذلك أو اغترار أو انثناء فإن مآله التعس والخسران .
قوله:{فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا} الكاف في{كما} في محل نصب نعت لمصدر محذوف ؛أي ننساهم نسيانا مثل نسيانهم لقاء هذا اليوم العظيم .وذكر النسيان في حق الرحمن يأتي على سبيل التمثيل .فالله تعالى لا ينس ،إذا قصد النسيان في أصل معناه وهو عدم الذكر .{وما كان ربك نسيا} وقال عز من قائل:{لا يضل ربي ولا ينسى} لكن المقصود بنسيان الله للكافرين هو تركهم في النار عطاشا جياعا معذبين على التأبيد لا يخرجون ،مثلما تركوا دينهم الذي أنزله الله إليهم فأعرضوا عنه إعراضا ولم يستعدوا بالإيمان والطاعة للقاء الله في هذا اليوم المخوف .
قوله:{وما كانوا بآياتنا يجحدون} معطوف على{كما نسوا} أي ننساهم بتركهم في النار كما تركوا العمل في الدنيا للقاء الله في هذا اليوم{[1418]} .وكذلك نتركهم لما كانوا يكذبون بآيات الله وهي حججه وكتبه ودلائله التي يحتج بها النبيون على صدق دعوتهم .