قوله تعالى:{إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقضوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين} الاستثناء من حيث عودة فيه قولان .أحدهما: أنه عائد إلى{براءة} والتقدير هو{براءة من الله ورسوله} إلى المشركين المعاهدين إلا من الذين لم ينقضوا العهد .
ثانيهما: أنه مستثنى من قوله:{فسيحوا في الأرض} لأن الكلام خطاب للمسلمين فيكون المعنى: براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ،فقالوا لهم: سيحوا إلا الذين عاهدتم منهم ثم لم ينقضوا فأتموا إليهم عهدهم ،ولا تجروهم مجراهم ،ولا تجعلوا الوفي كالغادر .وهذا قول الزمخشري في الكشاف .
قوله:{ثم لم ينقضوكم شيئا} أي لم يقع منهم أيما نقص في الوفاء بعدهم{ولم يظهروا عليكم أحدا} أي لم يعانوا عليكم أحدا من أعدائكم{فأتموا إليهم عاهدهم إلى مدتهم} أي أدوا عهدهم الذي عاهدتموهم إلى مدتهم وإن كانت أكثر من أربعة أشهر .فلا تعاملوا الأوفياء معاملة الناكثين الغادرين بعد المدة المذكورة .
قال ابن عباس في هذا الصدد: بقي لحي من كنانة من عهدهم تسعة أشهر فأتم إليهم عهدهم .
قوله:{إن الله يحب المتقين} الذين يوفون بعدهم ؛فإن من شيم الإيمان وعلائم التقوى: الصدق في القول ،والوفاء في العهود والمواثيق{[1721]} .