قوله:{إن تصبك حسنة تسؤهم} يعني إن أصابك الله بخير أو سرور لأجل نعمة أنعمها عليك أو فتح من عنده ؛فإن ذلك يسوء المنافقين ويسومهم التنغيص والتغيط .وفي مقابل ذلك: إذا أصابك مكروه من هزيمة أو نحوها من المساءات والأضرار{يقولوا قد أخذنا أمرنا} أي أخذنا الحيطة والحذر بتخلفنا عن الخروج وتركنا الذين خرجوا للقاء الكافرين وحدهم من قبل أن تحل بهم هذه المصيبة{ويتولوا وهم فرحون} أي يتخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحابه مرتدين منتكسين وقد غمرهم الإعجاب والفرح بما عملوا .لا جرم أن ذلك ديدن المنافقين الخبثاء ،أولئك الذين يكنون في أنفسهم الغيظ والحسد للإسلام وأهله ويظهرون بالمداهنة والملق من الكلام الغرور أنهم مع المسلمين .وهم في حقيقة الأمر ليسوا إلا صنفا من البشر الفاسد المارق .البشر الماكر المداهن اللئيم الذي لا يستمرئ غير الغش والخيانة والخداع والتلصص ،أولئك هم المنافقون في كل زمان يخفون في أفشهم الخداع والكذب ،ويظهرون لمن حولهم من المسلمين أنهم منهم .والله يعلم أنهم كاذبون وأنهم لا يبتغون بانتسابهم للإسلام والمسلمين غير منافع دنيوية يريدونها لأنفسهم ،أو مصالح مهينة عاجلة من المال أو الوجاهة أو غير ذلك من سفاسف الهوى وتفاهات الشهوة .