قوله تعالى:{يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا إن الله مخرج ما تحذرون} .
ذكر أن بعض المنافقين قالوا: والله وددت لو أني قدمت فجلدت مائة ولا ينزل فينا شيء يفضحنا .فنزلت الآية .
والمعنى: أن المنافقين يتحرزون من نول سورة على المؤمنين تخبرهم بمخازي المنافقين ومفاسدهم وما يستسرونه فيما بينهم منس سوء الكلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المؤمنين .ومن أجل ذلك سميت هذه السورة الفاضحة ؛لأنها تفضح المنافقين ؛إذ تكشف ما يبطونه في قلوبهم ،وسميت الحافرة ؛إذ حفرت عما في قلوب المنافقين .وغير ذلك من الأسماء التي بيناها في أول السورة .
ذلك هو شأن المنافقين مع أنفسهم ؛فهم يعلمون أنهم على الباطل وأن المسلمين على الحق .وهم موقنون تمام اليقين أن ملة الإسلام لهي الصواب وعين الحق ؛لكنهم منتكسون خاسئون أمام سطوة الغريزة الجامحة ،فركنوا للضلالة والهوى ،وأبوا إلا العتو والاستكبار ؛خنوعا للشهوات ؛لكي تتحصل لهم المنافع المالية والاجتماعية والشخصية وغير ذلك من وجوه المنافع المسفة .
قوله:{قل استهزؤا إن الله مخرج ما تحذرون} وهذا أمر وعيد وتهديد ؛أي استهزئوا فالله سيفضحكم بإظهاره عليكم ما كنتم تحذرون أن تظهروه{[1839]} .
والمنافقون واهمون سفهاء إن كانوا يظنون أن مقاصدهم وأسرارهم ستظل حبيسة مستكنة في صدورهم طيلة الزمان كيلا تظهر للناس .والحقيقة خلاف ذلك ،وهي أن المنافقين مهما برعوا في التحيل والخداع والاستتار وإخفاء المثالب ؛فإنهم لا محالة مفضوحون ؛لتظهر للناس أستارهم ونوايا السوء فيهم .