{يَحْذَرُ}: الحذر: التحرّز ومجانبة الشيء خوفاً منه .
في بعض أجواء المنافقين
وينطلق المنافقون بأسلوب الاستهزاء يحاولون من خلاله الإساءة إلى الإسلام والمسلمين بطريقة نفسية تهزم الروح القوية التي تنطلق بها المسيرة في خط المواجهة في طريق المستقبل ،ولكنهم يحاولون أن يتحقق ذلك بطريقةٍ خفيّة ،لا تكشف نفاقهم ،ليتمّ لهم اللعب بحريّة في داخل المجتمع ،ليعيثوا فيه فساداً من حيث لا يشعر بهم أحد .وكانت تجاربهم السابقة تملأ قلوبهم بالخوف من كشف أمرهم ،في ما ينزل به القرآن في كل وقت ليحدّث المسلمين عن خفاياهم وأساليبهم الشيطانية في الكيد للإسلام والمسلمين .ولذا فإنهم يعملون ما يعملون بروحٍ قلقةٍ حذرة ،وبذهنيّةٍ خائفةٍ مرتبكةٍ ،وذلك هو شأن المنافقين في كل زمان ومكان ،في ما يريدون أن يحصلوا عليه من الثقة بهم ،مع الحفاظ على مكاسبهم في اتجاه خطّ التآمر والكيد .
حذر المنافقين من كشف القرآن لهم
{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم} من النوايا الخفيّة السيّئة التي تفضحهم في ما يريدون أن يفعلوا أو يتركوا في اتجاه الهدم والإضلال{قُلِ اسْتَهْزِئواْ} ما امتد بكم المجال من أساليب السخرية والاستهزاء بالإسلام والمسلمين ،فسيكشف الله لنا ذلك كله لنواجهه بالأساليب المناسبة التي تبطل مفعوله وتعطّل نتائجه{إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ} من خلال ما يظهره ويكشفه للناس .
وقد فسر البعض من المفسرين الحذر بأنه وارد على سبيل السخرية ،ولكنه خلاف الظاهر ،ويحاولون أن يبرّروا ذلك كله ،بأن الأمر لا يمثل حالةً جديّةً في مواجهة المجتمع المسلم في دينه وعقيدته ،بل كل ما هناك أنهم يحاولون الخوض في الحديث في ما يخوض به الخائضون من أفانين الكلام من دون أيّة عقدةٍ داخليّةٍ مضادة ،وأنهم كانوا يلعبون كما يلعب الناس ،فلا ينبغي محاسبتهم على ذلك ،كما لو كان الأمر يمثل خطّةً بعيدة المدى .