{اطْمِسْ}: الطمس: إزالة الأثر بالمحو .
{وَاشْدُدْ}: هنا بمعنى اطبع .
{وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} في ما مكنتهم فيه من أسباب القوّة ،من مالٍ كثير ،وجاهٍ عظيمٍ ،ما جعل منهم الفتنة للناس الآخرين ،ومكنهم من استغلال ذلك في عملية الإغواء والإضلال{رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ} في ما اعتاده الناس من ممارسة الضغط النفسي عليهم بالزينة التي تبهر الأبصار وتغري النفوس ،وبالأموال التي تضعف المواقف وتسحق الإرادة{رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} وامحقها ،لئلا يكون لهم سبيل من سبل الضلال في ذلك كله{وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} أي اطبع على قلوبهم حتى لا تنفتح على أيّ فكرٍ يوحي لهم بالامتداد في حياة الناس ،وربما فُسِّر بمعنى آخر على خلاف الظاهر{فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ} لعل الظاهر أنها من تتمة الدعاء ،أي وعذّبهم العذاب الأليم الذي ينتظرهم في نهاية المطاف ،فيؤمنوا من موقع العذاب الذي يلتقون معه بالحقيقة .وقد يعتبرها البعض معطوفةً على قوله:{لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ} ،وهو غير ظاهر .
وقد نستوحي من ذلك أن الطغاة والظالمين يتوصلون إلى إضلال الناس والسيطرة عليهم من خلال الحالة الاستعراضية التي يحاولون من خلالها التأثير على نفسيّة الناس لإضعافها بمظاهر الزينة والمال والجاه التي تبهر الأبصار وتعشي العقول ،ما قد يقتضينا معالجة هذه المؤثّرات الضاغطة بمختلف أساليب التوعية التي تضع القضية في نصابها وحجمها الطبيعيّ ،وذلك من جهة تخفيف الضغط على مواقفهم من خلال ذلك .