{وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى} فلم تكن بدعاً من الرسل بل أنت واحدٌ منهم في الصورة ،وفي الدعوة ،وفي خط السير ،وفي وحي الله لك ،وفي انتسابك إلى هذه القرى البسيطة التي ينتسب إليها الناس عموماً ،فلا بد للناس أن يتبعوك امتثالاً لأمر الله ،واستجابةً لدعوته ،لأن السير على خلاف ذلك قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه .{أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} من الذين آثروا الحياة الدنيا وزينتها على الدار الآخرة ونعيمها ،فلم يبق لهم شيء من الدنيا ،وجاءهم العذاب من حيث لا يحتسبون ،{وَلَدَارُ الآخرةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ} ربّهم ،وعملوا لما عند الله ،وأقبلوا على الآخرة فحصلوا على رضوان الله في جنته ،وذلك هو الفوز العظيم الذي يتنافس فيه المتنافسون ،{أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} وتميزون بين ما تفنى لذته وتبقى تبعته ،وبين ما ذهب أثره ،ويبقى ثوابه ؛فإن الذين يحكّمون عقولهم هم الذين يختارون الآخرة على الدنيا ،والباقي على الفاني .