{رَّبَّنَآ إِنّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} ،لا من أجل الحصول على مكاسب دنيوية مادية أو معنوية ،لأن الأرض لا توفر الفرصة لذلك ،{رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصّلاةَ} ليعمّروا البيت الحرام بالعبادة ،وليعلّموا الناس مناسكهم ،فيألف الناس من خلالهم الحج إلى هذا البيت استجابةً لنداء إبراهيم الصادر من الله إليه .وهكذا كان ترك النبي إبراهيم أهله هناك دون أيّة رعايةٍ مادّيةٍ مباشرةٍ ،ليكونوا الأسرة الأولى التي تمثل قاعدة الحج للبيت الحرام ،وكان ذهابه إلى أرض أخرى من أجل إكمال رسالته الشاملة لكل الناس تضحية رسالية من قبله ،{فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مَّنَ النَّاسِ تَهْوي إِلَيْهِمْ} وتنجذب بعاطفتها الروحية إلى هذه الأرض ،لتكون قاعدة تجاريةً وثقافية ،بالإضافة إلى كونها قاعدةً روحيةً تدفع الناس للمجيء إليها طلباً للرزق ،{وَارْزُقْهُمْ مِّنَ الثَّمَرَاتِ} التي تحصل من خلال توارد الناس وتكاثر الوفود ،ليطمئنوا إلى رعاية الله لهم ،جزاءً لإخلاصهم وطاعتهم ،وليعرفوا موقع نعمة الله عليهم ،{لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} فيزدادون عبادةً لله وإخلاصاً له ،من موقع الشكر العملي المتجسِّد في حركة الحياة المؤمنة المخلصة .