{أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} وكيف تفكّرون ؟وما هو الأساس الذي ترتكزون عليه في شرككم بالله عقيدة أو عبادة ،وفي اتخاذكم أشخاصاً أو أوثاناً ،لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً آلهة من دون الله .إن الألوهية لا ترتبط بالمعنى النفسي الذي نعيشه تجاه الإله ،ولا بالمظهر الشكلي له ،ولا بالأسرار الغامضة التي تحيط به ،ولا بالمعاني الغيبيّة التي نصنعها له ،ولكنها ترتبط بالقدرة المطلقة التي تبدع الوجود من قلب العدم ،وتخلقه خلقاً جديداً ،فيتحوّل إلى كونٍ ونظام وحياةٍ ،تشمل الوجود كله .وهو الله الواحد الأحد الذي يرجع كل شيءٍ إليه ،وتصدر كل حياة منه ،فهو الذي خلق الأشياء كلها بقدرته .وهو بذلك لا يمكن أن تشركوا به موجوداً ضعيفاً ،لا يملك أية حياة في وجوده ،فكيف يمكن أن يعطي الحياة لغيره ،وكيف يمكن إحداث التعادل بينه وبين الله سبحانه وتعالى ؟!ولكنها الغفلة عن الحقيقة الإلهية التي لا ريب فيها ،أفلا تذكرون ،وهو المنعم الذي أعطى الخلق كله الحياة ،وزوّدها بكل ما يكفل لها القوّة والنموّ والاستمرار ،وأعطى الإنسان الكثير من ذلك ،في ما سخر له من طاقات الكون الحيّة والجامدة لتكون ،بأجمعها ،في خدمته .