قوله تعالى:{أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكّرون} [ النحل: 17] .هذا من عكس التشبيه({[348]} ) ،إذ مقتضى الظاهر العكس ،لأن الخطاب لعُبّاد الأوثان ،حيث سمَّوها آلهة ،تشبيها له تعالى ،فجعلوا غير الخالق كالخالق ،فخُولف في خطابهم ،لأنهم بالغوا في عبادتها ،حتى صارت عندهم أصلا في العبادة ،والخالق فرعا ،فجاء الإنكار على وَفْق ذلك ،ليفهموا المراد على معتقدهم .
إن قلتَ: المراد ب"من لا يخلق "الأصنام ،فكيف جيء ب"من "المختصّة بأولي العلم ؟ !
قلتُ: خاطبهم على معتقدهم ،لأنهم سمّوها آلهة وعبدوها ،فأجروها مجرى أولي العلم ،ونظيره قوله تعالى:{ألهم أرجل يمشون بها} الآية [ الأعراف: 195] .