{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} ،وهو القادر على ذلك كله ،فهو الذي بدأ الحياة بقدرته ،وهو الذي يستطيع إلغاءها بإرادته التي لا يعجزها شيء ،لأنه مالك الموت والحياة .وإذا كانت المسألة مسألة الاستحقاق ،فإن الناس يستحقون ذلك ؛لظلمهم أنفسهم بالكفر والمعصية ،وظلمهم الحياة بالزيف والانحراف ،وظلمهم بعضهم البعض بالقهر والغلبة ،ويمثل هذا الظلم ،في كل أنواعه وأشكاله ،ظلماً لله ،في حقه على عباده ،لتوحيده ،ونفي الشركاء عنه ،والالتزام بطاعة أوامره ونواهيه ،والسير على خط إرادته فكراً وحركة ،من أجل تجسيد الأهداف الكبيرة والمثل العليا في الحياة .ولكن الله يمهلهم ليتراجعوا ،وليتوبوا ،وليستقيموا على الطريقة اللازمة ،حتى يستنفد كل تجربةٍ ،فلا يبقى لهم مجالٌ لأيّ عذر ،أمام الفرص المتاحة لهم في كل زمانٍ ومكان ،حتى يبلغوا أجلهم الذي حدّده الله لهم ،بحسب حكمته{فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتقْدِمُونَ} ؛لأن ذلك الأجل يمثل إرادة الله ،وإذا أراد الله شيئاً فلا رادّ له .