إنعام الله بأنواع الثمرات
{وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً} ،وفي إمكانية تحول هذه الثمرات إلى شراب مسكر ،ما يدفع الإنسان إلى التفكير في القدرة الإلهية التي يجسدها ذاك التحول ،على الرغم من كونه لا يمثل صلاحاً للإنسان ،بل فساداً له ،ولكن الآية لا تتناول تلك الخصوصية لجهة القيمة بل لجهة القدرة ،وبهذا يُجاب عن السؤال الذي يُثار أمامنا حول الحديث عن السكر كنعمةٍ وكقيمةٍ إيجابيّةٍ ،في الوقت الذي حرَّم الله فيه الخمر أشدّ التحريم ،فقد اعتبرها رجساً من عمل الشيطان ،ووسيلةً من وسائل إثارة العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة ،فإن القضية قضية الخصائص الذاتية ،لا الخصائص الروحية ..ولعلنا نلاحظ في الفقرة التالية:{وَرِزْقًا حَسَنًا} ،أنه وصف الرزق بالحسن ،وهو ما لم يصف به الكلمة السابقة ،للإيحاء بالصفة المضادّة لمضمونها ،{إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ،ممن يستعملون عقولهم لدراسة الخصائص الدالة على سر العظمة في الخالق ،من خلال سرّ الإبداع في المخلوق ..فمهمة العقل لدى العقلاء ،أن يتحرك في الاتجاه الذي يمنحهم فكرةً جديدةً ،أو تجربةً نافعةً ؛لأن ذلك هو السبيل الذي يوصلهم إلى العقيدة الصحيحة ،والرؤية الواضحة ،بعيداً عن كل انحرافٍ أو تحريف أو التواء .