{عَضُداً}: ما بين المرفق إلى الكتف .والمراد به هنا النصير والمعين .
{مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} فلم يكونوا أسبق الخلق ،بحيث شهدوا خلق السموات والأرض دونهم ،ليكون ذلك أساساً للتفكير بأنهم قد شاركوا الله في بعض ذلك ،{وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ} وكيف يمكن أن يشهدوا ذلك وهم في دائرة العدم ؟!وذلك جار على سبيل الكناية عن عدم إحاطتهم بالواقع الكوني ،وبالواقع الذاتي لأنفسهم ،لأنه كان أسبق منهم ،فكيف يمكن أن تكون لهم السيطرة عليه ،وهم لم يعرفوا شيئاً من أسراره ؟!ولعل في التعبير بالإشهاد ،بدل الشهود ،نوعاً من الإيحاء بأن الله هو الذي يملك الأمر كله ،فلا يملك أحد شيئاً إلا من خلال تمليك الله له ،فإذا لم يقدِّر الله لهم بأن يشهدوا ذلك ،فلا يمكن أن يتحقق لهم شيء منه .
{وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً} وهل يمكن لله سبحانه أن يمنح هؤلاء شرف القرب إليه باتخاذهم شركاء له ،أو مساعدين لهلو كان ذلك معقولاً في نفسهفي الوقت الذي يخططون فيه لتحويل الحياة إلى قاعدة للضلال على مستوى العقيدة والعمل في حركة الإنسان فيها ،ويعملون من أجل تحقيق ذلك من خلال ما يوسوسون به من أفكار الشرّ ،وما يزينونه من أوضاع الضلال ،ما يجعلهم في الموقع المواجه للحركة الهادية الصالحة التي يريد الله للإنسان أن يلتزمها ،فإن الله يهدي إلى الحق ،ويقود إلى خط الهدى والصلاح ،فكيف يمكن أن يكون مثل هؤلاء في موقع الشركاء والمعاضدين لله في ملكه من هذه الجهة ،مع أن الفكرة ،في مسألة الشرك ،لا تملك أساساً معقولاً في ذاتها ،بل هي من الأفكار المستحيلة في ميزان العقل ؟!