{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ} أي مغلقة عن وعي الأفكار والدعوات والتعاليم التي يدعون إليها ،وهذا ما كانوا يواجهون به الأنبياء الذين يطلبون منهم الفهم والتأمّل في ما يقدّم إليهم من براهين وحجج وآيات ،فكان ردّ الفعل لديهم تظاهرهم بعدم الفهم أو بعدم القدرة على الإدراك ،لأنَّ قلوبهم لا تملك الذكاء الذي تستطيع من خلاله الوصول إلى أبعاد القضية .وقد يكون هذا الزعم هروباً من الدخول في عملية الحوار ،وقد يكون استهزاءً وسخرية بالنبيّ عندما يقابلونه بهذا المنطق ،الذي يجعله حائراً لا يدري كيف يواجه الموقف الجديد الذي لا يحقّق أيّ صدًى لصوته ،وهذا ما جعل التعليق القرآني عليهم عنيفاً قاسياً ،لأنهم لا ينطلقون من مواقعٍ صحيحة ،{ بَل لَّعَنَهُمُ اللّه بِكُفْرِهِمْ}فقلوبهم كقلوب بقية النّاس ،وأفكارهم كأفكارهم في إمكان التقائها بالحقيقة ووعيها للمفاهيم التي تقدّم إليها ،وقدرتها على الدخول في عملية الحوار والمناقشة ،ولكنَّهم فضلوا الكفر على الإيمان .ولما لم يجدوا حجةً على موقفهم الكافر ،لجأوا إلى هذا المنطق ليبرّروا ذلك ،فأبعدهم اللّه عن ساحته ،وهذا معنى اللعن لغةً ؛{ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ}لأنهم لا يريدون الإيمان .