قال محمد بن إسحاق:حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس:( وقالوا قلوبنا غلف ) أي:في أكنة .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس:( وقالوا قلوبنا غلف ) أي:لا تفقه .
وقال العوفي ، عن ابن عباس:( وقالوا قلوبنا غلف ) [ قال] هي القلوب المطبوع عليها .
وقال مجاهد:( وقالوا قلوبنا غلف ) عليها غشاوة .
وقال عكرمة:عليها طابع . وقال أبو العالية:أي لا تفقه . وقال السدي:يقولون:عليها غلاف ، وهو الغطاء .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة:( وقالوا قلوبنا غلف ) هو كقوله:( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ) [ فصلت:5] .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، في قوله:( غلف ) قال:يقول:قلبي في غلاف فلا يخلص إليه ما تقول ، قرأ ( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه )
وهذا هو الذي رجحه ابن جرير ، واستشهد مما روي من حديث عمرو بن مرة الجملي ، عن أبي البختري ، عن حذيفة ، قال:القلوب أربعة . فذكر منها:وقلب أغلف مغضوب عليه ، وذاك قلب الكافر .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزمي ، أنبأنا أبي ، عن جدي ، عن قتادة ، عن الحسن في قوله:( قلوبنا غلف ) قال:لم تختن .
هذا القول يرجع معناه إلى ما تقدم من عدم طهارة قلوبهم ، وأنها بعيدة من الخير .
قول آخر:
قال الضحاك ، عن ابن عباس في قوله:( وقالوا قلوبنا غلف ) قال قالوا:قلوبنا مملوءة علما لا تحتاج إلى علم محمد ، ولا غيره .
وقال عطية العوفي:( وقالوا قلوبنا غلف ) أي:أوعية للعلم .
وعلى هذا المعنى جاءت قراءة بعض الأنصار فيما حكاه ابن جرير:"وقالوا قلوبنا غلف "بضم اللام ، أي:جمع غلاف ، أي:أوعية ، بمعنى أنهم ادعوا أن قلوبهم مملوءة بعلم لا يحتاجون معه إلى علم آخر . كما كانوا يمنون بعلم التوراة . ولهذا قال تعالى:( بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ) ، أي:ليس الأمر كما ادعوا بل قلوبهم ملعونة مطبوع عليها ، كما قال في سورة النساء:( وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ) [ النساء:155] . وقد اختلفوا في معنى قوله:( فقليلا ما يؤمنون ) وقوله:( فلا يؤمنون إلا قليلا ) ، فقال بعضهم:فقليل من يؤمن منهم [ واختاره فخر الدين الرازي وحكاه عن قتادة والأصم وأبي مسلم الأصبهاني] وقيل:فقليل إيمانهم . بمعنى أنهم يؤمنون بما جاءهم به موسى من أمر المعاد والثواب والعقاب ، ولكنه إيمان لا ينفعهم ، لأنه مغمور بما كفروا به من الذي جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال بعضهم:إنهم كانوا غير مؤمنين بشيء ، وإنما قال:( فقليلا ما يؤمنون ) وهم بالجميع كافرون ، كما تقول العرب:قلما رأيت مثل هذا قط . تريد:ما رأيت مثل هذا قط . [ وقال الكسائي:تقول العرب:من زنى بأرض قلما تنبت ، أي:لا تنبت شيئا] . .
حكاه ابن جرير ، والله أعلم .