{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ}:خضعت وذلّت .
{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَىِّ الْقَيُّومِ} ..في خشوع الموقف ،وانسحاق الذات ،وانحناء الإرادة التي تتطلع برهبةٍ وخضوع ومحبةٍ .إنها الوجوه التي تعبر ملامحها عن عمق النفوس الكامنة خلفها ،اللاهثة أبداً من أجل الفوز برضا الله ،المتسامية نحو الدرجات العليا من فيوضات الله الحيّ الذي يمنح الأجساد الفانية نبضاً من حياة ،وهو القادر على أن يمنع عنها الحياة ،الحيّ المطلق الذي لا حدَّ لحياته ،لأنها ينبوع ذاته المقدسة التي تفيض عنها كل حياة ،القيُّوم المهيمن على كل شيء ،القائم على كل أمر ،المشرف على الكون والحياة والإنسان .
{وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً} لنفسه بالكفر والمعصية ،ولغيره بالقهر والغلبة والعدوان ...فهو الذي لا يلتقي بالفوز في النعيم الإلهي ،لأن الله هو العدل الذي يحب العادلين الذين يحملون العدل عنواناً لفكرهم وحركة لحياتهم ومنطلقاً لأهدافهم ،ويكره الظالمين الذين يملأون الحياة ظلماً ،في الفكر والحركة والإنسان .فلن يفلح الظالمون في ساحة الله يوم لا ساحة إلاّ ساحته .