{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} الذي يملك الكون كله والإنسان كله ،فلا يقترب من ساحة قدسه أحد ،ولا يبلغ عمق حكمته مخلوق ،ولا ينتقص من قوته وقدرته شيء ،فهو الذي يُحَبُّ ويُخاف ويُرجى ،وهو الذي يستحق العبادة والطاعة من كل مخلوقاته .
{وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} أو يستكمل من الرسول الذي يأتيك به ،فإذا كنت تخاف أن يفوتك منه شيء ،فإن الله الذي تكفل بإنزاله بطريقة غير عادية ،قادر على أن يحفظه لك بالطريقة نفسها .
{وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} في ما تنزل عليَّ من وحي ،وفي ما تفجره من ينابيع الحكمة في قلبي ووجداني ،وتحركني فيه من دروس التجربة ،وتفتحه لي من آفاق المعرفة ...فذلك هو الهدف الذي ينطلق الإنسان إليه في طبيعة التكامل الفكري والروحي والعملي ،في ما يريد أن يحققه من بناء شخصيته على أساس العلم الذي كلما نما في وجدانه ،كلما كان مصدر قوة جديدة للحياة في ذاته .
وهذا هو شعار الإسلام في حركة المعرفة لدى المسلمين الذين أوكل الله إليهم أمر إدارة الأرض ،باعتبارهم النموذج المميز للإنسان ،ودعاهم إلى أن يعرفوا علم ذلك كله ،ليعرفوا كيف يجعلون من وجودهم عليها مصدر قوة ،وعامل نموّ ،وحركة حياة ،وأعطاهم مقاييس القيمة من خلال المعرفة في قوله تعالى:{وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [ الزمر:9] .