مناسبة النزول
جاء في مجمع البيان: «قيل: إن قوله:{وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُو الْفَضْلِ مِنكُمْ} الآية ،نزلت في أبي بكر ،ومسطح بن أثاثة ،وكان ابن خالة أبي بكر ،وكان من المهاجرين ومن جملة البدريين وكان فقيراً ،وكان أبو بكر يجري عليه ويقوم بنفقته ،فلما خاض في الإفك قطعها وحلف أن لا ينفعه بنفعٍ أبداً ،فلما نزلت الآية عاد أبو بكر إلى ما كان وقال: والله إني لأحب أن يغفر الله لي ،والله لا أنزعها عنه أبداً ،عن ابن عباس ،وعائشة ،وابن زيد .
وقيل: نزلت في جماعة من الصحابة أقسموا على أن لا يتصدقوا على رجل تكلم بشيء من الإفك ،ولا يواسوهم ،عن ابن عباس وغيره » .
وقد يكون ورودها في ضمن آيات الإفك مؤيداً لهذه الروايات ،لأن مضمونها بعيدٌ عن ذلك لولا هذه الملاحظة .
لا تقصّروا في الإنفاق أيها المؤمنون
{وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ} أي لا يعمل أحد منكم على أن يقصر أو يترك أو يحلف على الامتناع عن الخير{أَن يُؤْتُواْ أُوْلِي الْقُرْبَى} ممّن يمتّون إليهم بصلة القرابة ،وفي رواية أن المقصود قرابة الرسول ( ص ) ،{والمساكين} من الفقراء والمسحوقين الذين لا يجدون العيش الكريم{وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الذين تركوا بلادهم التي كانوا يجدون فيها الفرصة السانحة للعمل وللتجارة ،ولكنهم فضلوا الهجرة للجهاد في سبيل الله ،فلم يستطيعوا أن يتفرغوا للحصول على أسباب العيش ،أو لم يجدوا مجالاً لذلك ..فأراد الله للمسلمين الذين أتاهم من فضله المال ووسّع عليهم في ذلك ،أن يتكفّلوا أمرهم ويتحملوا مسؤولياتهم ،ولا يتعقدوا من الأخطاء التي قد تصدر عنهم بحقهم أو بحق غيرهم ،{وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ} وليتخلّقوا بأخلاق الله في العفو والصفح والمغفرة ،وليتّخذوا ذلك وسيلة إلى طلب عفو الله عنهم ،{أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} فإذا كنتم تحبون مغفرة الله في ما أسأتم إليه أو عصيتموه ،فاطلبوا ذلك بالعفو عمّن أساء إليكم ،وستجدون الله في موقع المغفرة والرحمة لكم{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .