{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَآءِ بَشَراً} إذ خلق النطفة التي هي ماء مهين يخرج من الرجل فيلقح بويضة المرأة ،فيتحوّل إلى بشر ،{فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} الذي يحصل به التحريم من جهة الرجل ،وهو النسب ،ومن جهة المرأة ،وهي المصاهرة .
ويذكر صاحب تفسير الميزان ،أن «هذا تنظير آخر يفيد ما تفيده الآية السابقة ،أن لله سبحانه أن يحفظ الكثرة في عين الوحدة ،والتفرق في عين الاتحاد ،وهكذا يحفظ اختلاف النفوس والآراء بالإيمان والكفر ،مع اتحاد المجتمع البشري الذي بعث الله الرسل ،لكشف حجاب الضلال الذي من شأنه غشيانه لولا الدعوة الحقة »[ 2] ،وهو أمرٌ طريف ،ولكن ذلك غير ظاهر من سياق الآية ،فإن الظاهر منه ،أن الحديث موجّهٌ للإِيحاء بالجانب الفكري العقيدي للتوحيد في مواجهة الشرك .
{وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً} قادراً على إبداع حياةٍ متنوعةٍ متحركةٍ من الماء ،وينشىء من ذلك علاقاتٍ مختلفةً في المجتمع الإنساني ،في علاقاته المتشابكة المعقّدة ،وذلك هو البرهان القاطع على أن اللههو وحدهالقادر على الكون كله وعلى الحياة كلها ،في النفع والضرر .وبذلك كان هووحدهالمعبود الذي يستحق العبوديّة ،ويتفرد بالألوهية ،ولكن هؤلاء المشركين الذين استسلموا لتقاليدهم المتحجرة الموروثة عن الآباء والأجداد ،يعيشون التخلف في العقيدة والعبادة ،عندما يلتزمون الأصنام في مواقع الآلهة ،ويعبدونها من دون معنىً ..