{قَالُواْ اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ} فقد جئت إلينا وكنا فريقاً واحداً ،وكنا بعيدين عن المشاكل المعقدة التي أثرتها في حياتنا من موقع دعوتك ،ما جعلنا نتشاءم بك وبهؤلاء الذين آمنوا بك ،لأنكم جئتم بالشؤم المتحرك في كل حياتنا العملية ،فاذهب عنا لنتخلص من كل مشاكلك ومن كل الشرّ الذي أحاط بنا من كل جانب بسببك .
{قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ} فهو الذي أنزل عليكم البلاء في ما اخترتموه لأنفسكم من أسبابه ،وذلك هو سرّ ما يصيب الناس من الشرور والمشاكل انطلاقاً مما يقومون به من أعمال شرّيرة تستتبع ذلك .فليست القضية قضية أشخاص يجلبون البلاء إلى المجتمع ،كما هو الطير الذي يجلب الشؤم إلى الناس ،مما يعتقده البعض من ذلك ،بل القضية هي قضية أعمال تؤدي إلى ذلك ،مما جعله الله من علاقةٍ تكوينيةٍ أو جزائيةٍ بين الأشياء وأسبابها .
{بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} بما تثيره الرسالة من قضايا يختلف الناس عليها ،ليتخذ كل فريق منهم موقفاً منها ،فيكون ذلك فتنةً لهم واختباراً ،في ما يأخذون به من الحجة التي يقدمها الأنبياء على الإيمان أو يرفضونه منها ،ليتبين المعاند والمنقاد منهم ،ويتميز المؤمن من الكافر .وهكذا كان النبي صالح يستهدف من حديثه هذا معهم ،أن يُرجعهم إلى أنفسهم ،ليتخلصوا من الأوهام المريضة التي تفسر لهم القضايا بطريقةٍ غير صحيحة ،فتبعدهم عن حقائق الحياة وخط المسؤولية .