{فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَآءٍ} في خفر العذارى ،وحياء العفيفات{قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} فقد أحسنت إلينا ،وقمت بجهد كبير في رعايتك لنا في سقي الأغنام ،وتوفير الماء لنا ،وإبعادنا عن مزاحمة الرجال ،وقد أخبرنا أبانا بذلك ،وأراد أن يتعرف عليك ليشكرك وليجزيك الجزاء الجميل ،وليعطيك أجرك على ذلك ،وليكرمك كرامة المحسنين ،فتعال إلينا ،بكل تقدير وإعزاز ،{فَلَمَّا جَآءَهُ} وارتاح إليه ،ورأى في روحانيته صفاء الإيمان ،وحنان الأبوّة ،وروحيّة الرسالة ،وانفتاح القلب الكبير ،اطمأنّ إليه وشعر بأنه يقف على شاطىء الأمان عنده ،فبدأ يتحدث عن حياته ،وعن عمق المعاناة عنده ،{وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ} وعرف شعيبوهذا هو اسم الرجل كما تتحدث به الرواياتأن هذا الشاب خائف من فرعون وقومه ،وأنه يطلب المكان الذي يرتاح إليه ،ويأمن فيه .
ف{قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين} فإنهم لن يصلوا إليك في هذا المكان ،لأنهم لا يملكون أيّة سلطةٍ هنا .وربما شعرت إحدى الامرأتين بالحب يغزو قلبها لهذا الشاب القويّ الأمين الذي يمتلىء أخلاقاً وعفّةً وإيماناً ،وخافت أن يفارقها ،وربما شعر أبوها بذلك ،وبأن هذا الشاب قد يريد الزواج كأيّ شاب في مثل عمره ،وقد يحقق له ذلك طمأنينة وراحةً .وهكذا ابتدرت البنت أباها بهذا العرض الذي يخفف إحراج الجميع ويحل مشكلة الموقف مما قد يكون فكّر به موسى أنه لا يمكن أن يبقى ضيفاً إلى ما لا نهاية ،وأن الخروج من هذا المكان قد يوقعه بالتّيه .