{اسْلُكْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ} أي في صدرك{تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} الذي هو البرص ،{وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} أي يدك ،أو عضدك{مِنَ الرَّهْبِ} أي الخوف ،وذلك بأن يجمع يديه إلى صدره إذا عرض له الخوف ..وربما كان المراد به أن «يأخذ لنفسه سيماء الخاشع المتواضع ،فإن من دأب المتكبر المعجب بنفسه أن يفرّج بين عضديه وجنبيه كالمتمطي في مشيته ،فيكون في معنى ما أمر الله به النبي( ص ) من التواضع للمؤمنين بقوله:{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِين} [ الحجر: 88] على بعض المعاني »[ 1] ،كما جاء في تفسير الميزان ،ولعل المعنى الأول أقرب ،وذلك من خلال تقييد خفض الجناح بقوله{مِنَ الرَّهْبِ} ما يوحي بأنها من متعلقات النهي عن الخوف ،والله العالم .
{فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} لتقدمهما إليهم في بداية الدعوة إلى الله التي تنطلق بها ،لتهديهم إلى سواء السبيل ،ولتبدأ عملية التحدي لجبروت فرعون وطغيانه ،في الموقف الرسالي الذي أعدك الله له من أجل أن تخرج الناس من الظلمات إلى النور ،وتخلصهم من هذا الجوّ الظلامي الذي يثيره فرعون في حياة الناس ،ويؤكده قومه في حركتهم معه في تثبيت قواعد الكفر والطغيان{إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ} في فكرهم وشعورهم وسلوكهم في الحياة .