كانت المعجزة الأُولى آية «من الرعب » ،ثمّ أمر أن يظهر المعجزة الثّانية وهي آية أُخرى «من النور والأمل » ومجموعهما سيكون تركيباً من «الإنذار » و«البشارة » إذْ جاءه الأمر ( أسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ) .
فالبياض الذي يكون على يده للناس لم يكن ناشئاً عن مرضكالبرص ونحوهبل كان نوراً إلهيا جديداً .
لقد هزّت موسى( عليه السلام ) مشاهدته لهذه الأُمور الخارقة للعادات في الليل المظلم وفي الصحراء الخالية ..ومن أجل أن يهدأ روع موسى من الرهب ،فقد أمر أن يضع يده على صدره ( واضمم إليك جناحك من الرهب ) .
قال بعضهم: هذه العبارة ( واضمم إليك جناحك ) كناية عن لزوم القاطعية والعزم الراسخ في أداء المسؤولية بالنسبة لرسالته ،وأن لا يخاف أو يرهب شيئاً أو أحداً أو قوّة مهما بلغت .
وقال بعضهم: حين ألقى موسى( عليه السلام ) عصاه فرآها كأنّها «جان » أو ( ثعبان مبين )رهب منها ،فمدّ يده ليدافع عن نفسه ويطردها عنه ،لكن الله أمره أن يضم يده إلى صدره ،إذ لا حاجة للدفاع فهي آية من آياته .
والتعبير ب «الجناح »{[3060]} بدلا عن اليد في غاية الجمال والروعة ..ولعل المراد منه تشبيه هذه الحالة بحالة الطائر حين يدافع عن نفسه وهو أمام عدوّه المهاجم ،ولكنه يعود إلى حالته الأُولى ويضم جناحه إليه عندما يزول عنه العدو ولا يجد ما يرهبه !.
وجاء موسى النداءُ معقّباً: ( فذانك برهانان من ربّك إلى فرعون وملئه إنّهم كانوا قوماً فاسقين ) .
فهم طائفة خرجت عن طاعة الله وبلغ بهم الطغيان مرحلة قصوى ..فعليكيا موسىأن تؤدي وظيفتك بنصحهم ،وإلاّ واجهتهم بما هو أشد .
هنا تذكر موسى( عليه السلام ) حادثةً مهمة وقعت له في حياته بمصر ،وهي قتل القبطي ،وتعبئه القوى الفرعونية لإلقاء القبض عليه وقتله .