/م61
[ إنَّ هذا لهو القصصُ الحقُّ] الذي يقص عن الحقّ ،ويؤكّد مفاهيمه ويقود إلى الهدى ،فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ،وذلك هو دور القصة في حياة الإنسان ،فليست لهواً ولا عبثاً ولا حاجة لملء الفراغ ،بل هي خطّ للوعي ،ومنطلق للهدى ،وحاجة للانفتاح على حقائق العقيدة والحياة في واقع المعرفة الإنسانية ،حيثُ يؤكّد القرآن للرسول وللمؤمنين ،أنَّ قصة عيسى ( ع ) التي أوضحها اللّه سبحانه في كتابه ،في موضوع بشريته التي تبتعد به عن الألوهية في أي جانبٍ من الجوانب ،هي الحقُّ الذي لا مجال لإنكاره ،لأنَّه يرتكز على منطق العقل ومنطق الوحي .فإنَّ اللّه هو الإله الواحد الذي لا شريك له ،وهو العزيز الذي لا ينال أحدٌ من عزّته في أيّ شأن من شؤون القوّة ،لأنَّ القوّة له في كلِّ شيء ،وهو الحكيم في ما يقدره في خلقه من تنوّع الأسباب في مظاهر قدرته في خلق الإنسان في نموذج آدم وعيسى وبقيّة أفراد الإنسان ،فإنَّ هذا هو الحقّ ،فادع إليهيا محمَّدوأثر لهم كلَّ أساليب الإقناع في ما ألهمك اللّه من الحجّة والبرهان .
[ وما من إله إلاَّ اللّه] فهذه هي الحقيقة التوحيدية التي تنفي كلّ ربوبية لغيره ،لأنَّهوحدهالخالق لكلّ شيء ،فكيف يكون المخلوق له شريكاً في ربوبيته ،[ وإنَّ اللّه لهو العزيز الحكيم] الذي تنطلق عزّته من قوّته وقدرته ،فلا يملك أحدٌ أن ينقص منها ،وتتحرّك حكمته من علمه فلا يعزب عنه شيء .وقد تحدّث اللّه عن عزّته وحكمته هنا ،للتدليل على أنَّ الإله لا بُدَّ من أن يكون العزيز في كلِّ مواقع العزّة ،فلا يملك أحد القوّة معه أو فوقه ،ولا بُدَّ من أن يكون الحكيم لينطلق خلقه في السنّة الإلهية التي تعطي كلّ موجود حاجته ،وتضع كلّ شيء موضعه ،لينتظم الوجود كلّه بكلّ موجوداته في النظام الكوني الذي تتكامل فيه الأشياء ،فلا ينحرف بعضها عن الخطّ بحيث يؤدي إلى اختلال الخلق كلّه .