{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} فيبتعدون عن النوم فيها ويلجأون إلى أماكن صلاتهم{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً} لأنهم لا يخافون إلا من عقابه ،ولا يطمعون إلا برحمته ونعمته من دون إحساسٍ بالذلّ في السؤال ،لأن الذل أمام الله من موقع العبودية ،هي قاعدة العزة أمام الآخرين .وكيف يحس الإنسان بالذل في سؤاله لربه ،وكل وجوده تجسيد لعبوديته له وخضوعه له ،ما يفرض عليه أن يؤكد ارتباطه به ،ليؤكد انفصاله عن غيره ،فليس للآخرين إلا دور الأداة في قضاء حاجاته{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} لأنهم لا يشعرون بأنانية الامتلاك في ما يملّكهم الله إيّاه ،بل بمسؤولية القضاء في ذلك كله ،على أساس أن الملك ليس حالة امتياز ،بل وظيفة ومسؤولية يحركها الإنسان في حاجاته ،ويستعين بها على قضاء حاجات غيره ،ممّن أوكل الله أمرهم إليه ،وحمّله مسؤولية الإنفاق عليهم .