/م15
{تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ...}
المفردات:
تتجافى : ترتفع وتبتعد .
الجنوب : جمع جنب وهو الشق أو الجانب الأيمن أو الأيسر .
المضاجع : واحدها مضجع وهو مكان النوم .
خوفا وطمعا : خوفا من عذابه وطمعا في ثوابه .
التفسير:
هؤلاء المؤمنون يصلون لله تعالى في أوقات ينام فيها الآخرون ويتلذذون بالرقاد مثل الصلاة بين المغرب والعشاء أو صلاة العشاء في جماعة والفجر في جماعة ،أو التهجد في الثلث الأخير من الليل وهو وقت غارت فيه النجوم ونامت العيون وبقى الله الواحد القيوم .
والمعنى: من صفات المؤمنين مناجاة ربهم بالليل حين يحب الآخرون الرقاد فإنهم يقومون لله عابدين يهجرون المضجع والسرير والرقاد ويتطهرون ويصلون لله خائفين من عذابه طامعين في رحمته .
فعقيدتهم سليمة ،وعبادتهم وصلاتهم وخشوعهم ودعاؤهم لله متحقق بصورة طيبة ،وكذلك يؤدون زكاة أموالهم ويتصدقون على الفقراء وينفقون من كل ما أعطاهم الله من العلم والجاه والفتوح والتقوى والتجليات الإلهية .
من كتب التفسير: حفلت كتب التفسير بطائفة من الأحاديث النبوية الشريفة ،في فضل قيام الليل وثواب التهجد ومن أمثلة ذلك ما ورد في تفسيري القرطبي وابن كثير وغيرهما كما نجد ذلك في كتب السنة المطهرة وكتاب إحياء علوم الدين للغزالي بتخريج الحافظ العراقي .
نماذج من الأحاديث النبوية الشريفة: أخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير والحاكم وابن مردويه عن معاذ بن جبل قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرviii فأصبحت قريبا منه ونحن نسير فقلت: يا نبي الله أخبرني عما يدخلني الجنة ،ويباعدني من النار فقال:"لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال:"ألا أدلك على أبواب الخير ؟الصوم جنة ،والصدقة تطفئ الخطيئة وصلاة الرجل في جوف الليل "ثم قرأ: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء ما كانوا يعملون .ثم قال"ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟فقلت: بلى يا رسول الله فقال"رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ثم قال:"ألا أخبرك بملاك ذلك كله "؟فقلت: بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه ثم قال"كف عليك هذا "فقلت: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟.فقال"ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ". ix
وروى البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ".
قال أبو هريرة اقرءوا إن شئتم: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ...x