{خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} وهيعلى ما يظهرآدم أبو البشر الذي كان الأصل في بداية الوجود الإنساني ،{ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وهي حواء ،حيث يتكامل الوجود عبر الامتداد في عملية التناسل التي أودع الله فيها قانون الامتداد الإنساني في الأرض بما يمثل الوحدة في التنوع .
{وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} وهي الإبل والبقر والضأن والمعز التي تنقسم إلى الذكر والأنثى فتكون ثمانية .
وقال صاحب الميزان: «وتسمية خلق للأنعام إنزالاً لها ،باعتبار أنه تعالى يسمي ظهور الأشياء في الكون بعد ما لم يكن إنزالاً من خزائنه التي هي عنده ومن الغيب إلى الشهادة .قال تعالى:{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} [ الحجر:21][ 3] .
{يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ} في ما يتطور به النمو الإنساني من نطفةٍ إلى علقةٍ إلى مضغةٍ وهكذا ،{فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ} وهي ظلمة البطن والرحم والمشيمة ،في ما قيل ،وجاءت به الرواية عن الإمام الباقر( ع ) .
وهذه الظواهر الكونية ،ممثلةٌ في خلق الكون ،والإنسانية ،ممثلةٌ في وجود الإنسان ،تُشكِّل للمتأمل بما فيها من إبداع الخلق وحكمة التدبير ،الدليل الفطري الذي ينطلق به الوجدان على وجود الله ،لأن ذلك هو التفسير الوحيد لطبيعة الوجود وإبداعه .
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ} فانظروا إليه في رحاب خلقه في الكون ،واقرأوه في كتاب الوجود .{لَهُ الْمُلْكُ} فهو الذي يملك الأمر كله من خلال أنه خلق الوجود كله .{لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} لأن من عداه مخلوقٌ له محتاجٌ إليه ،خاضعٌ في كل تفاصيل وجوده لتدبيره ،فكيف يكون شريكاً له ،وكيف يكون رباً للمخلوق الذي يمثله في خصائصه العامة في الوجود والحاجة .{فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} وتنتقلون بعقولكم وأفكاركم من الحق إلى الباطل ومن عبادته إلى عبادة غيره من دون معنىً ولا أساس .