قوله تعالى:{خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها ...} [ الزمر: 6] الآية .
إن قلتَ: كيف عطف ب"ثُمّ "مع أن خلق ( حواء ) من ( آدم ) ،سابق على خلقنا منه ؟ !
قلتُ:"ثم "هنا للترتيب في الإخبار ،لا في الإيجاد ،أو المعطوف متعلّق بمعنى واحدة ،و "ثم "عاطفة عليه ،لا على"خلقكم "فمعناه: خلقكم من نفس واحدة أُفردت بالإيجاد ،ثم شُفعت بزوج .
أو هو معطوف على"خلقكم "لكن المراد بخلقهم ،خلقُهم يوم أخذ الميثاق ،لا هذا الخلق الذي يتمّ فيه الآن ،بالتوالد والتناسل ،وذلك أن الله خلق آدم عليه السلام ،ثم أخرج أولاده من ظهره كالذّرّ ،وأخذ عليهم الميثاق ،ثم ردّهم إلى ظهره ،ثم خلق منه حواء .
قوله تعالى:{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ...} [ الزمر: 6] الآية .
إن قلتَ: كيف قال ذلك ؟مع أن الأنعام مخلوقة في الأرض ،لا منزّلة من السماء ؟
قلتُ: هذا من مجاز النسبة إلى سبب السّبب ،إذِ الأنعام لما كانت لا تعيش إلا بالنّبات ،والنبات لا يعيش إلا بالمطر ،والمطر منزل من السماء ،وصفها بالإنزال ،من تسمية المسبَّب ،باسم سبب سببه .
أو معناه: وقضى لكم ،لأن قضاءه منزّل من السماء ،من حيث كُتب في اللوح المحفوظ .
أو خلقها في الجنة ،ثم أنزلها على آدم عليه السلام ،بعد إنزاله إلى الأرض ،والإنزال بمعنى الإحداث والإنشاء ،لقوله تعالى:{يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا} [ الأعراف: 26] .