{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ} تأدباً واحتراماً ومراعاةً للجو الروحي الرفيع الذي يخلقه حضور الرسول في المجلس ،وللموقع الذي يمثله الرسول في ساحة الرسالة ،ما يفرض على الحاضرين حوله أن يغضّوا أصواتهم عند الحديث معه ،أو مع بعضهم البعض ،ليستوعبوا فكرياً وروحياً كلماته في ما يعظهم به ،أو يوجههم في ما إليه ،أو يخطط لهم من سبل ،أو يفتح لهم من آفاق ،وهي أمور تحتاج إلى كثير من الهدوء لدى سماعها ،ليتعلمها الآخرون من الحضور ...
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} لأنهم ضغطوا على مشاعرهم وتغلّبوا على عاداتهم ،طاعةً وانقياداً لأمر الله ،والتزاماً وإيماناً ،فنجحوا في الامتحان الإلهي في ما يكلف الله به عباده من تكاليف تضغط على أوضاعهم التي اعتادوها في حياتهم العامة وتدفعهم إلى الابتعاد عنها لمصلحة أوضاع أخرى .
{لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} ذلك هو الجزاء الذي أعدّه الله لمن يعيشون الانقياد المطلق له ،والتسليم الروحي إليه في خطّ التقوى والإيمان .