{يا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} .وهذا لونٌ من ألوان الأدب الإسلامي في مخاطبة المسلمين للنبي ،تقضي بمراعاة الإخفات في الكلام ،أو الهدوء في الخطاب ،بحيث تكون أصوات المسلمين أخفض من صوته ،لتتميَّز طريقتهم في الحديث معه عن طريقتهم في الحديث العادي مع بعضهم البعض ،لأن تلك الخطوط السلوكية هي سبيل إشاعة جوٍّ من الاحترام والتعظيم يفرضه موقع النبي من أمّته ،ويوحي بالهيبة والتوقير اللذين يؤثّر إشاعتهما في نفس المسلم إيجاباً في علاقته برسول الله ،بحيث يلتقي لديه احترام الوجدان باحترام الطاعة والالتزام .
{أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} أي حذراً من أن تحبط أعمالكم إذا أسأتم احترام النبيّ ،مما قد يؤدّي إلى الاستهانة به وبأمره ونهيه ،فيقودكم ذلك إلى الابتعاد عن خط الإيمان بطريقةٍ تلقائيةٍ لا شعوريةٍ ،تبعاً لما تتركه بعض الأوضاع من تأثيرٍ على بعضها الآخر ،فالناحية السلوكية قد تترك تأثيرها على الناحية النفسية ،وتؤدي بالتالي إلى لونٍ معيّنٍ من الانحراف في اتجاه آخر .