مناسبة النزول
جاء في أسباب النزولللواحديقال ابن عباس: «كان رفاعة بن زيد وسويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ،ثُمَّ نافقا ،وكان رجال من المسلمين يوادّونهما » .
وجاء في الدر المنثور ،عن ابن عباس في سبب نزول الآية الإلهية قال: «كان منادي رسول الله( ص ) إذا نادى بالصَّلاة فقام المسلمون إلى الصلاة قالت اليهود: قد قاموا لا قاموا فإذا رأوهم ركّعاً سجداً استهزأوا بهم وضحكوا منهم »
{وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً} فإذا أذّن المؤذن للصَّلاة ووقفتم أمام الله لأداء الصَّلاة المفروضة ،وقف هؤلاءبكل أحقادهم وعداوتهم وجهلهم وتخلفهمليتخذوها مادةً للتسلية العبثيّة وفرصةً للاستهزاء بالمسلمين وبعباداتهم ،لإثارة الخوف والشعور بالمهانة في أنفسكم{ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} .
الكفر ومشكلة الجهل
وقد جاءت الآية الثانية لتصور لنا صورة هؤلاء الَّذين يواجهون المبادىء والرسالات الإلهيّة بهذا الأسلوب الَّذي يوحي بالجهل والسفه والاهتزاز الفكري والروحي ،فتصفهم{بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} ،وتعتبر أنَّ هذا هو السبب الَّذي دعاهم إلى هذا التصرّف ،لأنَّهم لو أخذوا بأسباب العقل ،لفكروا جيداً في مضمون هذا الدين ،وأدركوا أنَّه الحق الَّذي لا محيد عنه ،وعرفوا المعنى الَّذي توحي به الصَّلاة في ما تُمثِّله من عبادة الله الواحد الأحد ،والانفتاح عليه بالروح الخاشعة الخاضعة التقيّة ،الأمر الَّذي يؤدي إلى المزيد من الخشوع والروحانيّة أمام هذا المشهد الروحي العبادي الَّذي يقف فيه المؤمن أمام الله ليلتقي بالحياة الرحبة الواسعة القائمة على الأسس الثابتة الَّتي تركز للإنسان إنسانيته وتقوده إلى الالتزام بالقيم الكبيرة في الكون .وهكذا يريد القرآن أن يؤكد الحقيقة الّتي أثارها في أكثر من آية ،وهي أنَّ مشكلة الكافرين ليست مشكلةً فكريةً ناشئةً من الشبهات المحيطة بخط الإيمان ،بل هي مشكلة الجهل وغياب العقل عن الساحة .