المفردات:
هزوا: هزأ بفلان ؛سخر منه ،واستخف به .واتخذه هزوا أي: جعله موضع سخرية منه .
58- وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ .ورد في سبب نزول هذه الآية أن منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نادى إلى الصلاة وقام المسلمون إليها قالت اليهود: قاموا لا قاموا ،صلوا لا صلوا ،على سبيل الاستهزاء والضحك ،فنزلت هذه الآية{[272]} .
وروى أن الكفار لما سمعوا الأذان ؛حسدوا رسول اله صلى الله عليه وسلم والمسلمين على ذلك وقالوا: يا محمد لقد ابتدعت شيئا لم نسمع فيها مضى من الأمم فمن أين لك صياح مثل صياح العير ،فما أقبحه من صوت ،وما أسمجه من أمر{[273]} .
ومعنى الآية:
وإذا ناديتم- أيها المؤمنون- بعضكم بعضا إلى الصلاة عن طريق الأذان اتخذ هؤلاء الضالون الصلاة والمناداة بها موضعا لسخريتهم وعبثهم وتهكمهم .
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ .لأن الهزؤ واللعب شأن أهل السفه والخفة والطيش ،فكيف بمن يهزأ بشعائر دين الله:
والصلاة هي شعار المؤمنين وفيها صلة روحية بالله تعالى وفيها عبادة وطهارة وذكر وخشوع وتبتل ، وليس شيء مما يدعو إلى السخرية .
قال ابن كثير:
هذا تنفير من موالاة أعداء الإسلام من الكتابين والمشركين ،الذين يتخذون أفضل ما يعمله العاملون وهي شرائع الإسلام المطهرة .المحكمة المشتملة على كل خير دنيوي وأخروي ،يتخذونها هزوا ،يستهزئون بها ،ولعبا يعتقدون أنها نوع من اللعب في نظرهم الفاسد ، وفكرهم البارد كما قال القائل:
وكم من عائب قولا صحيحا ***وآفته من الفهم السقيم{[274]} .
وقال القرطبي في تفسير الآية: ولم يكن الأذان بمكة قبل الهجرة ،وإنما كانوا ينادون الصلاة جامعة ،فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وحرفت القبلة إلى الكعبة أمر بالأذان ،و بقيت الصلاة جامعة للأمر يعرض ،والأذان فرض على الكفاية ،وقيل: سنة مؤكدة ، وقيل: مستحب لساكن المصر أن يؤذن ويقيم فإن استجزأ بأذان الناس وإقامتهم أجزأه{[275]} .