التفسير:
57-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء ...الآية .
ورد في تفسير القرطبي ،وتفسير الآلوسي وغيرهما روايات في أسباب نزول هذه الآية من ذلك ما يأتي:
أخرج ابن إسحاق وجماعة عن ابن عباس قال: كان رفاعة بن زيد بن التابوت وسويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ونافقا ،وكان رجال من المسلمين يوادونهما ،فأنزل الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ ...الآية{[269]}
وروى عن ابن عباس أن قوما من اليهود والمشركين ضحكوا من المسلمين وقت سجودهم فأنزل الله تعالى هذه الآيات{[270]} .
والآيات في حد ذاتها خطاب من الله تعالى لجميع المؤمنين ينهاهم عن موالاة المتخذين للدين هزوا ولعبا ،وهذا النهي يعم كل من حصل منه ذلك من المشركين وأهل الكتاب وأهل البدع المنتمين إلى الإسلام{[271]}
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء ....أي: لا تجعلوا أيها المؤمنون- أولئك الذين تلاعبوا بدينكم من أهل الكتاب والكفار واستهزءوا به وسخروا منه ،بإظهار الإسلام بألسنتهم مع الإصرار على الكفر بقلوبهم- أولياء أبدا .
وصدر أهل الكتاب في الذكر ؛لزيادة التشنيع عليهم ؛لأنهم أعرف بالتدين السليم ممن سواهم ،ممن كفروا ولا دين لهم .
وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ .وهذه الجملة تذييل قصد به استنهاض همتهم لامتثال أمر الله تعالى ،وإلهاب نفوسهم ؛حتى يتركوا موالاة أعدائهم بسرعة ونشاط .
أي: واتقوا الله في سائر ما أمركم به وما نهاكم عنه ،فلا تضعوا موالاتكم في غير موضعها ،ولا تخالفوا لله أمرا إن كنتم مؤمنين حقا .