جولةٌ مع نعم اللَّه على الإنسان
وهذه جولةٌ قرآنية في رحلة وجود الإنسان ،بدءاً بتشكل النطفة وتطور نموها التي تحمل سرّ خلقه ،مروراً بشروط الحياة التي يمتد بها وجوده ،من الماء الذي يشربه ،ومن غذاء يتغذَّى به ،ونار يتدفّأ عليها ويستخدمها في كثير من حاجاته الخاصة والعامة ،ليثير تفكير الإنسان بقدرة الله في الوجود وفي أسبابه ،وفي حكمته في تدبيره ،وفي حاجة الخلق إليه في كل شيء ،ليأخذ من ذلك فكرة الإيمان بالآخرة من خلال فكرة الإيمان بالمبدأ على أساس التلازم بينهما فيما هو الإيمان بالقدرة الإلهية التي لا يعجزها شيء وإن عظم ،وأن القدرة على البداية أكثر أهميّةً من القدرة على الإعادة .
{نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ} وكنتم عدماً ،فهل تنكرون تلك الحقيقة الثابتة التي تفرض نفسها عليكم ؟{فَلَوْلاَ تُصَدّقُونَ} أي فلا بد لكم من أن تصدقوا بذلك وتؤمنوا به ،فالله هو الذي يملك القدرة كلها ،وهو الذي يخبركم بالحقيقة التي لا بد من أن تصدقوا بها ،لأنه المهيمن على الأمر كله والمطّلع على الخلق كلهم .