التسابق إلى مغفرة الله
{سَابِقُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} لتحصلوا على محبته ورضوانه في ما تتقربون به إليه من الأعمال الصالحة التي تذهب بالسيئات ،وتغير طبيعة الشخصية في كيانكم من خلال تغيير المعنى الكامن في أفكاركم ومشاعركم في علاقتكم بالله ،من مواقع الرغبة في طاعته بدلاً من الانسحاق تحت الضغوط الذاتية التي تثير الأجواء النفسية في اتجاه معصيته .وإذا كانت الحياة فرصةً طائرةً في الزمن ،ما يجعل منها شيئاً خاضعاً للزوال بين لحظةٍ وأخرى ،فإن على الإنسان أن يبادر في ساحات السباق مع الآخرين ومع الزمن ليحصل على المغفرة ،اليوم قبل الغدٍ ،لأنه لا يدري متى يأتي أجله ،فتضيع منه فرصة الحصول على مغفرة الله{وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَآءِ وَالأرْضِ} في تعبيرٍ كنائي عن السعة التي تحتوي الكون الذي يعرفه الإنسان ،كمظهرٍ من مظاهر رحمته في ما يريد لعباده المؤمنين الصالحين من النعيم الخالد في الآخرة ،{أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} لأنهم الذين انفتحوا على الحقيقة في توحيد الله ،وعلى الحياة السائرة في خط رضاه من خلال رسالات الله ،وعلى الحركة القوية المستقيمة في النهج الإلهي في حركة القيادة في رسل الله ،فكانوا القريبين إليه الحائزين على رضاه ،{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ} من عباده الذين يختارهم من بين الناس ليتفضل عليهم بالنعمة الخالدة والسعادة الكبيرة من خلال روح الإيمان في كيانهم ،وحركة الطاعة في حياتهم ،وإخلاص المحبة لله في مشاعرهم ،{وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} فلا حد لفضله الذي يتسع للوجود كله من خلال سعة رحمته .