الله مدبّر حياة الإنسان
وتتحرك الآية الثانية لتثير الإحساس بالتدبير اليوميّ الذي يدبّر به حياة الإنسان بين موتٍ تنبض في داخله الحياة ،فلا يلغي للإنسان حياته ،ولا يحمّله أثقالها المجهدة ،فهي حياة يحسّ معها بطعم الموت في ما يحققه من راحة السكون والغيبوبة عن الوعي ،وذلك هو ما يمثله النوم الذي يطبق على كيان الإنسان في الليل ،وبين بعثٍ تمثله اليقظة من عودةٍ للحياة المتحرّكة التي تضج بالنشاط ،وتحفل بالحركة ،وتنوء بالجهد ،حتّى إذا بدأ نهاره ،انطلقت رقابة الله عليه ،لتوحي له بأنها تحصي عليه كل أعماله التي يكتسبها ويجترحها في سائر الأمور .وهكذا تمتد هذه الدورة الزمنية المتأرجحة بين الموت النابض بالحياة ،وبين الحياة المنطلقة في خط المسؤوليّة ،إلى أن ينتهي الأجل المسمّى للإنسان ،فيترك هذه الحياة بالموت الكامل الذي يلغي في الجسم كل نبضةٍ للحياة ،ثم يأتي دور البعث الكبير الذي يعيش فيه اليقظة التي لا تتحرك فيها قضية المسؤولية كعملٍ ،بل تنطلق فيها كنتاجٍ لما أسلف من عمل .فهو الموقف الذي يواجه فيه نتائج المسؤوليّة ،لينتهي إلى مصيره الأخير في الجنة ،أو في النار{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِالليْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مّسَمًّى} وهو العمر الذي حدّده الله للإنسان في الحياة ،{ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} لتواجهوا مصيركم من خلال ذلك .