وهذا هو الخط الواحد الذي يتميز بطبيعة الوحدانية في العقيدة والعمل ،مع كل ما تفرضه من مفاهيم ومسؤولياتٍ وعلاقاتٍ ،{ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ} ،من خلال الوسائل التي هيّأها لهم ليجرّبوا ويختبروا ،بعيداً عن الإكراه والجبر والقهر ..فإن الله لا يهدي عباده بطريقةٍ قسريّةٍ ،كما لا يضلّهم كذلك ،بل يحقق لهم كل ذلك ،بالأسباب الاختياريّة التي توصل إلى الهدى ،فتؤدي بهم إلى رضى الله عليهم وقبوله لعملهم ..
{وَلَوْ أَشْرَكُواْ} أمّا إذا تمرّدوا على هدى الله ،وانحرفوا عن خطّ التوحيد ،وأشركوا به ما لم ينزّل به سلطاناً ،{لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} فإن الله سيحبط كل أعمالهم ويحوّلها إلى رمادٍ اشتدت به الريح في يومٍ عاصفٍ ،لا فرق في ذلك بين إنسانٍ وآخر ..فلا امتيازات ولا طبقيّة ،فيمن يرضى عنه الله ،أو يغضب عليه ،بل الأمر كله خاضعٌ للقاعدة الوحيدة ،وهي العمل في طريق الخير ،أو العمل في طريق الشرّ ،فهي القاعدة التي ترفع الأنبياء والأوصياء والأولياء ،وهي القاعدة التي تضع الشياطين والكافرين والأشقياء .