{إِن تَتُوبَآ إِلَى اللَّهِ} مما قمتما به من تصرّفٍ لا ينسجم مع الدائرة الأخلاقية في التعامل مع النبي( ص ) في نطاق المسؤولية الزوجية الخاصة ،وتتراجعا عن ذلك ،{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما} أي تحقق منكما ما يستوجب التوبة ،وهو الصغو ،أي الميل القلبي إلى الباطل ،والخروج عن خط الاستقامة .
{وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} أي تتعاونا عليه للإساءة إليه ،والتمرد عليه بالموقف المشترك ضدّه ،فلن تستطيعا أن تحققا ضده أيّ شيء ،{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ} الذي يتولى رعايته ونصرته من خلال عنايته الخاصة به ،{وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} وقد وردت الرواية من طرق أهل السنة عن النبي( ص ) ومن طرق الشيعة عن أئمة أهل البيت( ع ) ،أنّ المراد بصالح المؤمنين علي بن أبي طالب( ع ) ،وقيل: إن المراد به الصلحاء من المؤمنين ،على سبيل إرادة الجمع من الواحد ،أو إرادة الجنس منه[ 1] .
{وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} يقفون صفاً واحداً كما لو كانوا وجوداً واحداً ،لينصروه وليثبتوا موقفه ،ما يوحي بالأهمية الكبرى لوجود النبي( ص ) في عناية الله به ،بقطع النظر عن هذه الحادثة الخاصة التي قد لا تحتاج إلى ذلك كله ،في مواجهة الموقف الناتج عنها ،فقد يكون المقصود هو إيجاد الشعور الداخلي بعظمته ورفعة مقامه ،بحيث لا تحول الزوجية بينهما ،في ما تفرضه من حالة انكشاف مطلق بين الزوج والزوجة ،وبين الانفتاح على جانب الهيبة له والتعظيم لمقامه .
ويتصاعد الأسلوب الإيحائيُّ ليواجههما وغيرهما من نساء النبيّ( ص ) بالحقيقة التي تؤكد لهن بأنهن لا يمثلن النموذج الوحيد للمرأة الصالحة التي تكون في مستوى أن تكون زوجة للنبيّ ،فهناك نساءٌ أخريات من سائر الناس ممن يمكن أن تتمثل فيهن الصفات الخيّرة المتناسبة مع الجوّ الروحي الإيماني ،المتناسب مع شخصية النبي وروحيته وموقعه الرسالي ،ليكنَّ البديل عنهنّ ،إذا اقتضت رغبته أو المصلحة الرسالية أن يطلقهنّ وينفصل عن العلاقة الزوجية بهنّ ،فلا يعتبرن أنفسهنّ في الموقع المميز الذي لا بديل له .