/م1
المفردات:
إن تتوبا: حفصة وعائشة .
صغت قلوبكما: مالت قلوبكما عن الحق ،وعدلت عما يجب للرسول صلى الله عليه وسلم من تعظيم وإجلال .
وإن تظاهرا عليه: تتظاهرا وتتعاونا على إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم من تعظيم وإجلال .
مولاه: وليه وناصره .
ظهير: ظهراء معانون ،وأنصار مساعدون .
التفسير:
4-{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}
تأتي هذه الآية لتوجيه عائشة وحفصة رضي الله عنهما ،إلى التوبة النصوح والتفرغ إلى ذكر الله وطاعته .
وقد جرت العادة بأنّ الشئون المنزلية تشغل بال الرجال وتضيّع زمنا من تفكيرهم فيها .
وتبين الآية أن قلبي عائشة وحفصة قد انشغلا بتدبير مؤامرة ،يترتب عليها أن يزهد النبي صلى الله عليه وسلم في بعض نسائه ،والنبي الكريم يربي أمة ،ويوجّه دعوة ،وينزل عليه الوحي ،ويبلّغ الوحي للناس ،ويقود الجيوش ،ويرسل السرايا ،وينظم شئون الأمة الإسلامية صباح مساء ،فينبغي أن يتوفّر له القدر الكافي من الهدوء النفسي والمعنوي .
لذلك حمل القرآن حملة قوية على عائشة وحفصة ،وذكّرهما أن قلوبهما قد مالت عن الانشغال بطاعة الله إلى عمل مؤامرة لتزهيد النبي صلى الله عليه وسلم في بعض نسائه .
ومعنى الآية:
إن تتوبا إلى الله تعالى مما بدر منكما ،فذلك حق واجب ،وخير كبير ،لأن قلوبكما قد انصرفت عن الإخلاص والحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،وحب ما يحبه ،وكراهة ما يكرهه ،إلى تدبير مؤامرة منكما ليكره بعض نسائه
وإن تتعاونا على النبي صلى الله عليه وسلم بما يسوءه ،من الوقيعة بين بنيه وبين بعض نسائه ،فإن تعاونكما وتظاهركما عليه فاشل ضائع ،لأن هناك قوة عليا ،وجيوشا متعاونة ،تؤازر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وتشد أزره .
فإن الله .مولاه وناصره ،وكفى به وليا ونصيرا .
وجبريل .كذلك وليه وناصره .
وصالح المؤمنين .وأبو بكر وعمر ،والصالحون من المؤمنين نصراء له .
والملائكة بعد ذلك ظهيرا .والملائكة هم أعظم المخلوقات ،بمثابة جيش جرار ،يملأ القفار ،نُصْرة للنبي المختار ،فمن ذا الذي يستطيع أن يناوئ النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ،والآية مسوقة لتعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم ،وبيان منزلته العالية ،وأن الدنيا كلها تسانده ،وأيضا للتأثير العاطفي على نسائه ،حتى يَكففن عن التآمر عليه ،وحتى يتفرغ كليا لأمر دعوة الإسلام .
وقد كان يكفي أن يقال: فإن الله هو مولاه .ومن وجد الله وجد كل شيء ،ومن فقد الله فقد كل شيء ،لكن الحق سبحانه وتعالى أراد أن يبين أن الكون كله معه ،فخالق الكون معه ،والكون كله معه .
وقد ثبت في الصحيح ما يفيد أن هذا الأمر شغل رسول الله صلى الله عليه وسلم ،واعتزل نساءه شهرا ،وأنّ ذلك شق على المسلمين ،وحزنوا لغضب النبي صلى الله عليه وسلم من نسائه .
ودخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وقال: يا رسول الله ،ما يشقّ عليك من شأن النساء ؟فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل ،وأبو بكر وعمر معك ،فنزلت هذه الآية موافقة لقول عمر رضي الله عنه .
والخلاصة:
إذا تظاهرتما عليه فلن يضرّه ،لأن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ،والملائكة بعد ذلك ظهير .