{وَقَاسَمَهُمَآ}: المقاسمة لا تكون إلاّ بين اثنين ،والقسم كان من إبليس لا من آدم .وإنما قال: وقاسمهما ،كما يقال: عاقبت اللص وطارقت النعل وعافاه الله ،وكذلك قاسمته ،وقيل إن في جميع ذلك معنى المقابلة ،كأنه قابله في المنازعة باليمين ،والمعاقبة مقابلة بالجزاء ،وكذلك المعافاة مقابلة المرض بالسلامة .
وربما استشعرا بعض القلق في داخلهما ،وعاشا بعض التردد في موقفهما .وحاول إبليس أن يزيل ذلك كله ،فيؤكد الموقف لهما بالطريقة التي لا مجال فيها للتراجع ،وذلك بالأيمان المغلظة التي يطلقها بحرارة المؤمن بما يقول ،الواثق بما يعد{وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّصِحِينَ} ،وحلف لهما أنه لا يدّخر جهداً في تقديم النصيحة لهما ،فلا مصلحة له في أن يأكلا أو لا يأكلا ،بل هي مصلحتهما أوّلاً وأخيراً .ولم يكن عندهما أيّة تجربةٍ سابقةٍ مع مخلوقٍ يحلف بالله ويكذب ،أو يؤكد النصيحة ويخون أو يغشّ ،فصدّقاه وأقبلا على تلك الشجرة المحرّمة يذوقان من ثمرها